خرجت ساكنة جهة الدار البيضاء السطات، هربا من موجة حر استثنائية عمت ربوع الوطن، متوجهة الى أقرب الشواطئ منها.
عندما تتوجه الساكنة الى شاطئ البحر هربا من هذا الجو، وتنظر إلى الشاطئ من الأعلى، تجد المصطافين، كأنهم سمعوا صوة الامام يقول لهم، تزاحموا تراحموا فإن في الزحمة بركة، ونحن نعيش وضعا اسمه الطوارئ الصحية.
لا ممرات تفرق بين المصطفين، شيبا وشبابا، صغارا وكبار، الكل يريد أن يستفيد من رطوبة ورياح البحر العذبة، كي تنسيهم حر هذا اليوم.
لم تعرف بلدنا مثل هذا الجو الحار من قبل، ونحن نعيش بالقرب من الشريط الساحلي للمدينة، الجو حزين يميل إلى اللون البني، ودرجة حرارته مرتفعة، والرياح ساخنة، مع العلم أننا نستفيد من وضعنا الاعتباري بالقرب من الساحل، فكيف سيكون مصير إخواننا بمراكش وورززات واليوسفية وغيرها من المدن الداخلية، هناك أنباء تقول بأن درجة الحرارة هذه المدن فاقة الخمسين مع موجة الشركي قوية.
هل يعتبر هذا الوضع عادي، أما أصبحنا نلاحظ بالملموس علامات التحول المناخي، نعيش وسط الفصل الواحد، فصولا متعددة، هذه العلامات كلها أصبحت ملموسة ونتعايش معها.
عشنا يوما حارا، بل أياما كما صرحت به مديرية الأرصاد الجوية، وسط فوضى عارمة يعيشها المواطن المغربي في استغلاله للملك العام.
توجهنا الى البحر فوجدناه يعيش فوضى منظمة، جلنا يحمل معه أكله وشربه وفي آخر اليوم يتركه مرميا وراءه، أو في أحسن أحول يدفنه وسط الرمال، في اعتقاده أنه تخلص منه.
والبعض الآخر لا يريدون الإستمتاع بالبحر، بل من منهم، يجلب معه قنينة غاز، من اجل أن يعد وجبته الرئيسية، وسط الزحام والحر وبقربه، جاره يلعب بالرمال مع أبنائه، لو حدث خطئ بسيط لكانت الكارثة.
شباب في عز قوتهم، يداعبون الكرة بقرب من المصطافين، لا يعبؤون بجيرانهم، متمتعين ولا يهمهم من بقربهم، وخصوصا الأطفال الصغار.
وسط البحر الكل يسبح بلباس البحر او بلباس النوم، الكل وسط المياه هربا من الحر، يستمتعون بإزعاج الاخر، بشتى الوسائل، المهم هو أنه يمارس حريته ولا يهمه من بقربه.
في ظل هذ الفوضى العارمة يطرح سؤال مهم، هل خلقنا لكي نتفنن في ممارسة حريتنا بدون احترام من بقربنا، لا يمكن للدولة وللمجتمع أن تتدخل حتى في أبسط الأمور، من أجل أن تنظيم لنا عملية الاصطياف، في يوم عرف موجة حر استثنائية.
هذا واقعنا ونحن من نتحمل نتائجه، إن لم نغير سلوكنا سنتعذب في مستقبلنا، أمالنا في الجيل القادم أن يستدرك ما فرطنا فيه، حتى أصبحنا نتعذب عندما نفكر أن نستمتع بفضاء عام.