04-01-2021الاثنين
بقلم بوخيرات البشير
عبدالعلي دمكيلة : ولد البلاد و غريب في بلد غريب
إثر نشر خبر بالصورة و الصوت لحفل تكريم إسم قالوا عنه بأنه قيدوم المسرح و هو هيدومه, و بعد قراءتي لمؤسسي مسرح مازكان البلدي قبل الإستعمار، و بعد اللوم و الشتم في رئيس مسرح الهواة من طرف المرحوم الطيب الصديقي في برنامج تلفزي ' بور تو فو دير ' لمنشطه عمر سليم بالقناة الثانية، و أنا أفكر في إسم طاله النسيان ' عبدالعلي دمكيلة ' صاحب كلمات «ولد لبلاد و غريب» ، عبدالعلي دمكيلة الذي شاء القدر أن أستمتع بمسرحياته و أغانيه طيلة السبعينات شاءت الظروف أن ألتقي به مرة ثانية بمهرجان أفنيون 1981 رفقة صديق دربي كمال أرسلان، ثم ثالثة بمقهى افويخرة رفقة محمد فؤاد لهلالي 2020 حيث يجتمع قدماء أبناء الجديدة ، و إلى متم كتابة هذه السطور لا زال عبدالعلي دمكيلة كما هو صورة و صوتا، و لا زال فعلا ولد البلاد و غريب يحتفظ على حرص أيّ تفسير مباشر له أمام هؤلاء الطفيليين و الطفيليات الذين اجتاحوا مدينة الجديدة بعد انتهاء حُكم الكوميسير كولومبو
أدعو جميع القراء للإستماع لأسطوانة ' ولد لبلاد و غريب ' لمجموعة الورشان لتفسير كلماتها التي هي من تأليفه و تلحينه رفقة الفنان برشيد الذي توفي في زنقة النسيان، و أشدِّد هنا على إهمال أولاد البلاد المثقفين من طرف مندوبية الثقافة. غير أنّ كثرة الطبالة و الغياطة و الذين يكتبون مقالات و يقولون هذا للرفع من معنويات فلان أو للتشهير به كل على حساب هواه، لتبقى كرامة و ثقافة أولاد البلاد في كف النسيان
فالفنان الموسيقي و المسرحي عبدالعلي دمكيلة تمرّد حتّى على الحكي ليؤكّد في أفنيون أنه فنّان لا يموت
فمع بداية الحركة الهيبية واندلاع الانتفاضات الطلابيّة، كان عبدالعلي دمكيلة واحدا من المثيرين للجدل في مدينة الجديدة، كان يعاشر أهل الريشة و القلم بمقهى التجار المقابل للمسرح، كان يجالس الشباب الأجنبي بمقهى تافيلالت، كان معلما رسميا بمدرسة المجاهدين بالسجن الفلاحي العدير و غادر التعليم ليعانق الفن ، كان بلباسه الغريب نسخة طبق الأصل لذلك الفنان الثوري الأصيل، مرة بلباس كطيفة و مرة بدجين و أخرى بالفوقية و اللوبان، و بحلاقة شعره مرة بالهيبية و اللحية و أخرى بكطاية و الكرن يلفت الأنظار، أكثر من أنه كان جميل المحيى، كان حديثه عبارة عن وثيقة و حركاته مشهد لعمل فني. لو بقي في أفنيون لما جعلوا له تمثالا بقصر البابات لما كان يقدمه لهذه المدينة المشهورة بمهرجانها عالميا، إلا أنه فضّل طلاق الفن بعد أن أصبح كل من دب و هب فنانا و له بطاقة فنان
و لأسباب لا يعرفها إلا أصدقاؤه المقربون غادر فرنسا و ترك تلاميذته و أصدقاءه من أولاد البلاد في الغربة صوب مدينة ' بّا د شانص ' ، مرة كل شهر يأتي إلى مقهى افويخرة ليتنفس ريح مدينة أعطاها الكثير و لم تعطه سوى العويل ، مدينة خيّبت كل آماله و لم تقدّم أي جديد ما عدا إفراغ المسرح من فنانيه، و إبعاد ذوي الإختصاص من أبناء المدينة من طينة عبدالعلي دمكيلة أو مصطفى بوعسرية في تسيير إدارته
قيل لي انتهى الحديث عن المسرح الذي أرّخ مسرحيات المدينة و سهراتها و حفلاتها؛ و لم يبق فيه أثر للبيانو الذي وثّق أعيادا كانت تحضرها شخصيات قبل أن ينتقل إسمه من «المسرح البلدي» إلى «مسرح عفيفي» بدون كصعة التسمية. و لا بدّ من مسرحية غريبة تحتفظ بذكريات المسرح البلدي العجيبة
و دائما في إطار الحديث عن عبدالعلي دمكيلة الفنان العملاق الذي هرّبته الريح الشركية ' الميسترال ' من مدينة أفينيون إلى مدينة ' بّادْ شانْصْ '، الذي ربما يتذكره مثقفوا جيله بصوته الجهوري ذي النبرة المميزة في عدة أغاني من جيل الزمن الجميل، قمت بفضولي الفني بجس نبض الشارع الجديدي، و سألت مجموعة من اللذين يهمهم الفن و الفنانين بالجديدة ' مسرح عفيفي ـ مسرح الكنيسة ـ منتجع مازكان و بعض فضاءات العروض الموسيقية و الفنية منها مهرجان جوهرة ' عن ولد البلاد و غريب عبدالعلي دمكيلة، و لا أحد عرفه ، عكس مقهى افويخرة مجمع أولاد البلاد الأصليين فكلهم يعرفونه و دلوني عن عنوانه و مدوني برقم هاتفه. و عار على جمعيات الفن و المسرح أن لا تعرف من مَسْرَحَ المسرح بالجديدة، لأنه لم يأخذ نصيبه من الإعتراف، و الجميع يتذكر صوته و ملامحه دون أن يعرفوا قيمته في مدينة أفنيون أيام مهرجانها، إنه رائد الكوميديا السوداء و الأغنية الثورية