2016/01/08 الجمعة
رفضت أحزاب معارضة في الجزائر مشروع التعديل الدستوري الذي أماط اللثام عنه مدير ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى، الاربعاء الماضي معتبرة أن التعديل ما هو إلا مناورة جديدة من طرف السلطة، لكسب مزيد من الوقت والالتفاف حول المطالب الحقيقية من أجل إحداث نقلة ديمقراطية حقيقية
وقال علي بن فليس رئيس الحكومة الأسبق ورئيس حزب طلائع الحريات إنه رفض تلبية دعوتين للمشاركة في المشاورات المنظمة حول مشروع التعديل الدستوري، لعدم قناعته إطلاقا بجدوى وجدية هذا المسعى، موضحا أنه يقبل أن يكون شاهد زور، واقناع بلد بإيهامه أن تعديلا دستوريا سيكون كافيا لإخراجه من الانسداد السياسي الشامل الذي بات يتخبط فيه.
وأضاف قائلا: « بالنظر إلى المقاربة المتبناة، وإلى المسار المتبع لم يكن بوسعي أن أغرر بمواطناتنا ومواطنينا في محاولة إقناعهم بأن لمؤسسة رئاسية غير شرعية الحق في المبادرة بتعديل دستوري وبأن البرلمان غير شرعي بالمقدار نفسه الحق في إصدار حكمه بشأن هذا التعديل الدستوري، وبأن المجلس الدستوري المأمور والفاقد لهامش التحرك وحرية التصرف او القرار لحق في تقدير السلامة الدستورية لهذا المشروع»
وأوضح بأن أزمة نظام بحجم وبخطورة الأزمة التي يواجهها بلدنا لا يمكن بتاتا لمشروع تعديل دستوري كهذا أن يؤثر في حلها وتجاوزها، مشددا على أن مصدر الداء الذي ابتلي به الوطن لا يكمن في دستوره، وإنما في منظومته السياسية كاملة، وهي المنظومة التي تبيح لنفسها تقديس الدستور أو اغتصابه متى شاءت، ومتى رأت أن في ذلك منفعة لها
وأوضح أن المنظومة السياسية الحالية قد بلغت مداها، وأثبتت إخفاقها، ومن هذا المنظور بالذات يتضح وجوب انتقال ديمقراطي مفصلي وحيوي، وهو انتقال ديمقراطي تدرجي ومنظم وتوافقي وهادئ وسلس، يكون صنع دستور الجمهورية الجديد عنصرا من عناصره ومحطة من محطاته
وأكد بن فليس أنه بعد الإفراج عن مضمون التعديل الدستوري المرتقب، فإنه لم يغذ في نفسه سوى مشاعر الأسف والحزن، مبررا ذلك بضياع قرابة خمس سنوات من عمر البلد من أجل نتيجة زهيدة وجوفاء كهذه، وذلك قرابة خمس سنوات ضاعت عن البلد، لا لغرض آخر سوى لتمكين نظام سياسي من صنع دستور على مقاسه وليس للجمهورية قاطبة؛ دستور جاء به بمحض إرادته وفرضه فرضا على الجميع وهو على علم بأنه لن يعمر بعده؛ قرابة خمس سنوات ضاعت عن البلد دون أن يتغير شيء في شغور السلطة وفي انعدام شرعية المؤسسات وفي استيلاء قوى غير دستورية على مركز صنع القرار الوطني، وهي العوامل المجتمعة في صميم أزمة النظام بالغة الخطورة التي يحاول النظام السياسي القائم صرف عيون مواطناتنا ومواطنينا عنها دون جدوى».
واعتبر أنه من المحزن أن يقزم دستور الجمهورية ويضّمن مفردات وجملا لا ترقى لمقامه، ولا تعدو أن تكون سوى ثرثرة سياسوية تفتقر إلى سداد الجوهر وعمق الرؤى والانسجام السياسي والقانوني، وأنه لمن المحزن أيضا أن يوظف دستور الجمهورية من طرف النظام السياسي القائم لا لهدف آخر سوى لكسب وقف تنفيذ من أجل بقائه
وقالت حركة مجتمع السلم (تيار إسلامي) إن المسودة التي عرضها مدير الديوان برئاسة الجمهورية لا تستحق كل الجدل الذي أثير حولها، موضحا أنه لا فائدة من هذا الدستور الجديد، لأنه يعبر عن توجهات الرئيس بوتفليقة ومن حوله، وليس دستورا توافقيا كما طالبت به الأحزاب المعارضة
وأضافت الحركة في بيان صدر عنها أن موضوع تعديل الدستور استغرق أكثر من الوقت اللازم، على اعتبار أن ورشة تعديل الدستور مفتوحة منذ سنة 2011، وكذا الوعود التي صاحبت مختلف مراحل التعديل، والتي أعطت الانطباع أن التعديل سيحدث ثورة إصلاحية، لكن ذلك لم يكن سوى عملية بيع للوهم للجزائريين
وذكرت أن الدستور الجديد يعبر عن توجهات أصحابه، وأنه لا يحمل الأفكار والتوجهات التي عبرت عنها الأحزاب السياسية في الاستشارات التي نظمتها السلطة بداية من صيف 2011، بخصوص تعديل الدستور، مشيرة الى أن الدستور الذي عرف أطول عملية تحضير ليس توافقيا ولا إصلاحيا
من جهته اعتبر حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (علماني) أن النقطة الإيجابية الوحيدة في المشروع هي ترقية الأمازيغية كلغة رسمية الى جانب العربية باعتبارهما مكونين من مكونات الهوية الجزائرية، أما بقية التعديلات فلا معنى لها، بما في ذلك العودة الى تحديد الولايات الرئاسية التي كان الرئيس بوتفليقة قد فتحها أمام نفسه للترشح الى ولاية ثالثة ورابعة، والآن يعاد غلق باب الولايات الرئاسية الذي كان مفتوحا على مصراعيه، ليصبح أمام كل رئيس فرصة تجديد ولايته مرة واحدة.
ورغم أن الرئيس بوتفليقة حاول أن يكون دستوره توافقيا من خلال توجيه عديد الدعوات لأحزاب المعارضة من أجل المشاركة في المشاورات الخاصة بتعديل الدستور، وخاصة تلك التي جرت بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت في نيسان/ أبريل 2014، الا أن أحزاب المعارضة رفضت المشاركة في هذه المشاورات، رغم الدعوات المتكررة التي وجهها الرئيس، الذي قال أكثر من مرة إن الباب يبقى مفتوحا أمام المعارضة من أجل المساهمة في إثراء مسودة الدستور، وإن هذا الأخير هو دستور دولة، وليس دستور شخص، إلا أن المعارضة بقيت على موقفها الرافض المساهمة في مسار تعديل الدستور