الدولية للاعلام
تضمنت مسودة تعديل الدستور ، التي أعلنتها الرئاسة الجزائرية، مقترحاً جديداً يطرح لأول مرة، وهو يتعلق بإمكانية إرسال وحدات عسكرية إلى الخارج بعد موافقة البرلمان الجزائري، ووفقاً للمسودة، فإنه يجوز للجزائر في إطار الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، المشاركة في عمليات حفظ السلام، وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للرئيس أن يقرر إرسال وحدات الجيش إلى الخارج بعد تصويت أغلبية الثلثين في البرلمان
وفي قراءة لهذا الاقتراح المفاجئ، أشارت الكاتبة داليا غانم في مقال نشره موقع ” ميدل إيست آي” البريطاني إلى أن اعتماد التعديلات سيشكل تغييراً كبيراً، حيث شجعت الجزائر، منذ استقلالها عن فرنسا عام 1962، على سياسة عدم التدخل، وسعت إلى الوساطة والاندماج والحوار مع جميع الجهات الفاعلة، بما في ذلك التيار الإسلامي مثل النهضة التونسية
ولاحظت الكاتبة غانم أن الجزائر تحاول على ما يبدو، ضمن تضاريس إقليمية جديدة تتميز بالتهديدات على الحدود، إعادة التموضع من خلال الانحراف عن مبادئها الصارمة بعدم التدخل، وقالت إن إعادة صياغة هذه العقيدة قد يستغرق المزيد من الجهد والوقت، ولكنها بالتأكيد ترفع احد المحرمات الهامة
والسؤال الذي يبرز هنا مع هذه التغييرات هو هل تستعد الجزائر لتصبح قوة فاعلة ذات صلة في إدارة الأزمات المتعددة في الجوار؟ الأجابة التي قدمتها غانم تستنتج أنه من المؤكد أن البلاد تحاول زيادة حماية فنائها الخلفي في منطقة مضطربة، بما في ذلك ليبيا التي تعتبر مصدراً للمخاوف الأمنية، ولكن الكاتبة تؤكد هنا أنه قد فات الأوان على الجزائر لإحداث فرق حقيقي في ليبيا، مع الإشارة إلى أن جميع محاولاتها للتوصل إلى تسوية سياسية قد باءت بالفشل
وأكدت الكاتبة أن بداية الأزمة الليبية في عام 2011 كانت فرصة ضائعة، حيث كان بإمكان الجزائر أن تتدخل بطريقة منتجة من خلال الجهود العسكرية والدبلوماسية، ولكنها بدلاً من ذلك، التزمت في مبدأ عدم التدخل، مما مهد الطريق أمام عملية الناتو العسكرية الخاطئة
وقد ساعد هذا الموقف، والحديث لغانم، على تسهيل التدخل الأجنبي من قبل جهات إقليمية ودولية، وأشارت إلى أنه وعلى الرغم من تأكيد الجزائر بأن طرابلس، هي خط أحمر لا يجوز لأحد تجاوزه، إلا أن الجنرال خليفة حفتر حاول الاستيلاء على المدينة ولكنه فشل، ويمكن قول نفس الشيء عن المناورات الدبلوماسية غير المثمرة، مثل معارضة الجزائر لتدخل أنقرة في ليبيا، حيث أرسلت تركيا في نهاية المطاف القوات لدعم حكومة الوفاق الوطني بناءً على طلبها
وتقترح التعديلات الدستورية أن الجزائر تعلمت دروساً من اخطاء سياستها تجاه ليبيا منذ 2011، وتسمح لها بأن تكون أكثر استباقية إذا اندلع صراع جديد في دولة مجاورة، وفي مثل هذا السيناريو، كما تضيف الكاتبة، يمكن للجزائر الآن التدخل لردع التهديدات المحتملة أو المغامرات العسكرية، ولكن من أجل القيام بذلك، يجب على النظام الجزائري التخطيط وإعداد سكانه لهذا التحول الإستراتيجي
وأكدت أن هناك حاجة إلى نقاش وطني جدي لإقناع المواطنين بضرورة” التحول العقائدي”، وهكذا ستصل رسائل لا لبس فيها إلى الدول الأخرى، مفادها أن الجزائر ليس لديها القدرات فحسب، بل أيضاً الإرادة لتنفيذ التهديدات إذا لزم الأمر
وخلص الموقع البريطاني إلى أنه بالنظر إلى التاريخ الدبلوماسي والقوة العسكرية والطموحات الإقليمية للجزائر، فإن هذا التحول يمكن أن يسمح للجزائر بأداء دورها الذي أعلنته باعتبارها وسيطاً قوياً، ولكن لا يزال من السابق لأوانه القول ما إذا كان سيكون هناك تغيير كبير في السياسة الخارجية للجزائر