الأحد 18 - 10 - 2020
الدولية للإعلام : مصطفى أشكيريد
بعد التوسع العمراني المتسارع الذي شهدته مدينة العيون، كبرى حواضر الصحراء، كان لزاما على مسيري الشأن المحلي التفكير جليا في إحداث مطرح جديد للنفايات بمواصفات عالية وعلى امتداد أرحب، يقي المدينة وساكنتها من مخلفات البقايا وروائحها التي تزكم الأنوف وما يصاحب ذلك من أمراض شتى ويحفظ السلامة البيئية.
المطرح القديم في خبر كان:
لطالما أثار مطرح النفايات القديم خلال السنوات القليلة الماضية، قلقا متزايدا لدى ساكنة مدينة العيون، لاسيما قاطني التجمعات السكنية المجاورة له، بعد النهضة العمرانية التي شهدتها المدينة في الآونة الأخيرة.
فقد شكل نقطة سوداء تنفث سمومها كل يوم في الهواء، مؤثرة بذلك على المجال البيئي الذي ينعكس سلبا على صحة المواطنين من جهة، ومن جهة ثانية ما يشكله من تشويه لمنظر المدينة العام التي أضحت وفي ظرف وجيز، حديقة غناء بفضاءاتها الخضراء المترامية على طول مختلف الشوارع والأزقة والأحياء، بل أثمرت المجهودات التي بذلت من المجلس الجماعي تتويج العيون بجوائز عربية كواحدة من أهم المدن المحافظة على البيئة بمساحاتها الخضراء.
وفي خضم هذا الوضع الكارثي، سعى المجلس البلدي للعيون من خلال رئيسه "مولاي حمدي ولد الرشيد" إلى التفكير جديا في تغييره بإيجاد بديل يحفظ للمدينة رونقها الجميل، ويقي ساكنتها من تداعيات النفايات، فكان أن أقبر المطرح القديم كأنه لم يكن، وسط تنويه وإشادة المواطنين .
قرار لم يكن بالأمر الهين، نظرا لما يكلفه إحداث مركز جديد للفرز والتثمين من إمكانات هائلة، فكبرى مدن المملكة لا تزال أحياء كبيرة منها عالقة بين مطارح النفايات، لكن بإصرار وعزيمة الرجال تصنع المعجزات وتجسد الملاحم.
المطرح الجديد.. ويتحقق الحلم:
جنوب غربي مدينة العيون في اتجاه جماعة المرسى، أحدث المركز الجديد لفرز وتثمين النفايات، على مساحة تبلغ 34 هكتارا، وبكلفة مالية تجاوزت 125 مليون درهم، بعد دراسة عميقة وشاملة أشرفت على إعدادها الجماعة الحضرية للعيون.
مبادرة كان لها ما بعدها، بعد أن تخلصت المدينة وساكنتها من أزمة اختناق حادة، كادت أن تعيش تحت وطأتها لعقود من الزمن بوصول البنيان العمراني فضاء المطرح القديم، كما أن المطرح الجديد وفر مزيدا من اليد العاملة في مجال النظافة، فبالإضافة إلى عشرات العاملين في الإشراف على تنظيف المدينة، وفر المطرح الجديد لوحده 40 فرصة عمل لشباب من أبناء المدينة يعملون بتخصصات تقنية واخرى علمية .
ويعالج المطرح الجديد ما مجموعه 72 ألف و500 طن من النفايات، و652 ألفا من النفايات المطمرة، كما أنه يحتوي على محطة للغاز الحيوي وقدرة إنتاجية للطاقة الكهربائية، تبلغ 350 كيلو واط في الساعة.
ويستعمل في هذا الصرح البيئي الجديد وسائل تقنية ولوجستيكية حديثة، تشمل آلات ومعدات الرفع والدفع والطمر، وأخرى إلكترونية، وآلات للتنظيف ومكاتب مجهزة بأحدث التقنيات وسيارات من الحجم الكبير والصغير.
ولا تتوقف مرافق المطرح الجديد عند هذا الحد، بل يشتغل القائمون عليه أيضا على معالجة الغاز الحيوي والروائح الكريهة، ومعالجة الرشح "السائل المائي"، وإحداث فضاءات رياضية ومساحات خضراء ومرافق للترفيه، وهي الأشياء التي يتميز بها مطرح العيون الجديد عن بقية المطارح الحديثة على الصعيد الوطني.
لقد تجاوز إحداث مركز الفرز والتثمين الجديد بمدينة العيون كل التوقعات، كبنية حديثة أعتمد فيه تقنيات عالية واحترافية على مستوى الجمع والنقل والمعالجة، مساهما بذلك في حماية الأرض والهواء وضمان مستقبل بيئي نظيف لساكنة المدينة، ولعل ذلك أن رئيس مجلسها الذي لم يفوت صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها وأشرف عليها بعزيمة لا تلين تجعل خدمة الساكنة أبرز الغايات والمرامي .