الثلاثاء 06-09-2022
الدولية للإعلام : مصطفى مايتي
تعلم الشعوب الإفريقية أن سبب فقرها الأول هو ما يوجد فوق وتحت ارضيها من معادن متنوعة أسالت لعاب الدول العظمى ،التي تتنافس في إستغلالها وتحويلها صوب بلدانها لتعيش شعوبها في نعيم ورخاء وازدهار وتعليم راقي ومستشفيات في خدمة مواطنيهم بأحدث التجهيزات ،ومن بين ما فكروا فيه لتحقيق ذالك خلق نزاعات بين دول افريقيا وشراء دمم من يخدمون مصالحهم من الرؤساء ،واستخدموا قوانين تجعلهم يستغلونها لإستعمار هذه الدول في بلدانها و رؤساء يسيرون من طرف حكومات الدول العظمى ،ومن خلال هذا اللقاء مع هذا الأكاديمي الليبي سنعرف الشيء القليل من الذي تعانيه افريقيا ، يقول الأكاديمي الليبي: أتيت في صباح أحد الأيام بعامل أفريقي لينظف لي سطح بيتي فاتضح لي فيما بعد إنه أستاذ مساعد في الجامعة بعاصمة إفريقية! أكمل شغله معي وفي طريق عودتي به إلى جزيرة الدوران التي يجلس فيها العمالة الوافدة بدأنا نتحدث وسألته عن الاغتصاب في بلده فقال : في بلدنا من يملك الإعلام العالمي هو من يقتل البشر ، بلادي كانت ولازالت مستعمرة بلجيكية في وسط إفريقيا ، وبلادي تمتلك هبات السماء من غابات وذهب وماس ومعادن وثروات تدخل في كل شيء من الصناعات من شاشات هاتفك المحمول إلى أسلاك الطائرات في القوات الجوية التي تضرب الآن في بلادكم ليبيا ثم سألني: هل تعرف أن تسعة ملايين إنسان قتلوا في بلادي في الأربعين سنة الأخيرة؟ وحين أجبته بالنفي ، قال : مَن يملك الإعلام العالمي هو مَن يقتل البشر هناك ولهذا لن تسمع عن وطني أي خبر ! - ثم سألته عن دور بلجيكا في بلاده ، فقال لي: ليست هناك دولة واحدة تسيطر على وطني ،العالم كله يسيطر علينا ، وكلٌ دولة حسب إمكانياتها ، أمريكا بالطبع لها حصة الأسد لأنها دولة عظمى ، كذلك فرنسا وبريطانيا والصين وبلجيكا كلهم يستثمرون في نهب ثرواتنا وقتلنا واذلانا ، لأنه لم يعد لدينا حكومة مركزية ، ولهذا لن يأتي إلينا دعاة السلام ولا حقوق الإنسان رغم اغتصاب نصف مليون امرأة !! أصبح عندنا الرجل الذي تغتصب زوجته لن يستطيع أن ينظر في وجهها خجلاً من عدم قدرته على حمايتها وهي لن تنظر إليه خجلاً من وعدها له بالوفاء ، وقال لي : صدقني إنهم لا يغتصبون النساء بسبب رغبة جنسية بل لأن الإغتصاب أفضل سلاح لإحداث شرخ بين الأهل ، والوسيلة الأنجح للتشتت الأسري ، سألته: ماذا جاء به إلى ليبيا ، فقال: ميليشياتهم اغتصبوا زوجتي أمامي ، ثم قتلوا أبي وبعدها رموا أطفالي في بئر مزرعتي وربطوني عند حافة هذا البئر لأيام حتى يجبروني على سماع صراخهم وأنا أحاول أن أطمئنهم ولكنهم سكتوا عن الحياة واحداً تلو الآخر ، كم تمنيت أن أستمر في سماع هذا الصراخ لسنوات حتى يأتي مَن يُنقذهم ، ولكن كلهم سكتوا ، - سكتُّ أنا أيضاً ، فقال: حين يكون هناك عدد كبير من المليشيات والشركات والدول والسياسيين الذين يريدون حصة منك ومن أرضك وثرواتك (كما يحدث في بلادكم ليبيا الآن) .. لن تستطيع أبداً أن تبقى دولة واحدة بقانون واحد ومؤسسات قضائية واحدة ، لأن الدولة الواحدة ستبرم عقوداً مع دول أو شركات أخرى ، تتنازل فيها عن جزء من ثرواتها لقاء حمايتها وحماية أمنها ، هناك مئات الجهات التي تريد بعض الذهب أو الماس منا، وكل واحدة من هذه الدول تملك عصابة وميليشيات ، والسبب نحن الذين نُحدث الكابوس المُعتم في بلادنا التي تشبه الجنة ، ودعته وشكرته بعد أن أوصلته .. عاد للجلوس مع رفاقه في انتظار لقمة عيش جديدة مع زبون آخر ، فكرت ببلادنا العربية ليبيا وسوريا والعراق واليمن وكيف أنها تتشظى وتتشرذم ، لأن كل جهة تريد حصة من ثرواتها ، ولأن مَن يصنع المال في مكان ما ، يصنع معه تشرّداً ودماراً وجموداً ومشاكل مستقبليّة في مكان آخر ، تذكرت شيئاً كنت أفكر به منذ أسابيع .. تذكرت كيف أننا انقسمنا إلى أحزاب وطوائف ومذاهب ولم يكن الوطن همنا الأول ، هذا العامل الأفريقي جعلني أُعيد ترتيب مفاهيم حياتي الإسلامية والفكرية والعقائدية وأنا أقول : هذا مايحدث في بلدي ، فهل أهل بلدي يعوا ذلك . لا رحم الله من يضحي ببلده وعرضه لأجل حفنة مال أو جاه أو منصب،فهل توقف مسؤولينا عن بيع الوطن يعلموا أن العالم كل العالم و التدخلات الخارجية في الشعوب والأوطان لن تأتي من أجل المساعدة والمواساة وإنما الهدف الأساسي كيف يتقاسموا ثروات ومعادن الأوطان تحت ذريعة الحماية والمساعدة .