الاثنين 06 مايو 2024
الدولية للإعلام : عزيز مفضال
لعب النادي السينمائي الزاوية بالقنيطرة دورا رائدا في نشر الثقافة السينمائية عبر عرض أفلام طلائعية ومناقشتها وتنظيم ورشات للسينما.
في هذا السياق٬ استطاعت ثلة من أطر النادي النشيطين أن ترسخ عشق السينما لدى أجيال متعاقبة وأن تتقاسم معهم ما راكمته من معارف وخبرات على مستويات التنشيط السينمائي والتدبير الجمعوي وتحليل الأفلام ومناقشة القضايا الفكرية المرتبطة بالفن السابع ٬ مساهمة بطرق مباشرة وغير مباشرة في الرفع من مستوى الذائقة الفنية لشرائح عدة من المتعلمين والمثقفين وغيرهم..
في هذا الإطار ينظم النادي السينمائي الزاوية، بتعاون مع أكاديمية فنون للسمعي البصري بالقنيطرة، والمديرية الإقليمية للثقافة، والفرع الإقليمي القنيطرة للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، و بشراكة مع مركز حوار الثقافات بالرباط والمركز الثقافي الفرنسي، الأمسية السينمائية الشهرية بعرض فيلم "جوق لعميين" بحضور مخرجه محمد مفتكر.
الفيلم في عمومه كان تجسيداً درامياً لواقع مغرب السنوات الأولى من حكم الحسن الثاني. تتداخل في ثناياته قصص شخصيات متعددة، لكل واحدة أحلامها وتناقضاتها، لكنها تشترك في مقاسمة فضاء منزل يتدرب فيه رواد فرقة موسيقية شعبية، يتظاهر أفرادها بالعمى كي يُسمح لهم بإحياء بعض الحفلات الخاصة....
نكتشف الأحداث انطلاقاً من رواية الطفل “ميمون”، فهو من يدخل بنا في عوالم هذه الفرقة الغريبة التي يشرف عليها والده “الحسين”، والتي يتعدد أعضاؤها بين ثلاثة عازفين، واحد منهم يعمل كذلك كمفتش شرطة، راقص، راقصتين، ومغنية. وبعد ذلك نتعرّف على والدته، ثم جدته، فعمه “عبد الله” المناضل ضد الاستبداد، ثم حبيبته “شامة”.
المخرج محمد مفتكر، إبن الحي المحمدي العريق بالدار البيضاء، هو حالة إبداعية جعلته عنوان جيل يبحث عن رهانات جديدة للسينما بإتقان أكبر وعمق جمالي وفكري أبعد. وبالفعل تُقدِّم أفلام هذا المخرج نماذج متألقة للعمل الشامل من حيث التوازن بين الصمت والحوار، والوظيفة الطليعية للمونتاج في إنتاج المعنى وصنع الانتقالات الدرامية وموسيقى الإيقاع والشغف باستقصاء الأغوار النفسية للشخصيات وغيرها من مميزات سينما مفتكر.
ينطلق مفتكر من صورة لا من قصة. ذلك أنه يسعى للتحرر من ثقل القصة كنص أدبي ليدخل إلى لغة السينما البصرية. يهتم بالبعد الموسيقي في السينما. ويقول "أسعى إلى سينما أقرب إلى الموسيقى، مادة للإحساس لا للفهم.. لا أنجز أفلاما يفهمها المشاهد بل يحسها. الإحساس يبقى والفهم عابر".
يُعدُّ محمد مفتكر بلا جدال واحدا من ألمع مخرجي جيله من السينمائيين المغاربة. ومن اللافت أنه صنع اسما قويا في المحفل السينمائي القومي حتى قبل أن ينجز أول فيلم طويل له، ذلك أن عين النقاد والمهنيين لم تخطئ مواهبه المتميزة التي كرستها مجموعة أفلام قصيرة دأبت على حصد جوائز المهرجانات بالداخل والخارج، مستندة إلى لغة بصرية متجددة وتمكن تقني مبهر ومعالجات جريئة لمواضيع حساسة.
للتذكير يقدم العرض بالمركز الثقافي القنيطرة، الأربعاء 8 ماي على الساعة 20.30.