الدولية للاعلام مصطفى مايتي
2024-05-17
عبر جلالة الملك محمد السادس في خطابه الموجه إلى القمة الثالثة والثلاثين لجامعة الدول العربية، تلاه عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، عن إدانته قتل الأبرياء في فلسطين، وأكد أن الأعمال الانتقامية في قطاع غزة أبانت عن انتهاكات جسيمة تتعارض مع أحكام القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني. وقال الملك: إن انعقاد هذه القمة الهامة، في ظرفية عصيبة، جهويا ودوليا، يجسد حرصنا المشترك على مواجهة القضايا الملحة لأمتنا العربية، وفق رؤية استشرافية وواقعية تروم النهوض بالأوضاع الراهنة، ورفع التحديات الأمنية والتنموية التي تواجهها. وفي هذا الصدد، أشار الملك إلى إن الظروف الصعبة التي تمر منها القضية الفلسطينية، جراء العدوان الإسرائيلي السافر على قطاع غزة، تجعلنا أكثر إصرارا على أن تظل القضية الفلسطينية هي جوهر إقرار سلام عادل ودائم في منطقة الشرق الأوسط، وجدد الملك التأكيد على دعمه الثابت للشعب الفلسطيني الشقيق من أجل استرجاع حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة وذات السيادة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، على أساس حل الدولتين. وأكد الملك أن الأعمال الانتقامية في قطاع غزة أبانت عن انتهاكات جسيمة تتعارض مع أحكام القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وجدد إدانته القوية لقتل الأبرياء، مؤكدا أن فرض واقع جديد في قطاع غزة ومحاولات التهجير القسري للفلسطينيين أمر مرفوض، لن يزيد إلا من تفاقم الأوضاع، ومن زيادة حدة العنف وعدم الاستقرار. وأكد الملك أن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية ومن الدولة الفلسطينية الموحدة، مشددا على ضرورة الإسراع بتقديم المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين في قطاع غزة بأكمله وبكيفية مستدامة، وتعزيز حماية المدنيين العزل. وبصفته رئيس لجنة القدس، أكد الملك أنه سيواصل وبتنسيق وثيق مع أخيه محمود عباس، رئيس دولة فلسطين، بذل المساعي الممكنة للحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي والحضاري للمدينة المقدسة، وبالموازاة مع ذلك، قال الملك: نواصل من خلال العمل الميداني الذي تضطلع به وكالة بيت مال القدس، الذراع التنفيذية للجنة القدس، إنجاز خطط ومشاريع ملموسة، تروم صيانة الهوية الحضارية للمدينة المقدسة، وتحسين الأوضاع الاجتماعية والمعيشية للمقدسيين، ودعم صمودهم وبقائهم. أما في ما يخص الأوضاع الأليمة والمؤسفة، التي تعيشها بعض الأقطار العربية الشقيقة، قال الملك إن المملكة المغربية يحدوها الأمل في أن تستقر الأوضاع بهذه البلدان، على أساس تغليب الحوار والمبادرات السلمية، بعيدا عن منطق القوة والحلول العسكرية، والوصول إلى حلول عملية ناجعة ومستدامة. وعبر الملك محمد السادس عن أسفه لعرقلة تنقل الأشخاص ورؤوس الأموال والسلع بين دول المغرب العربي، وقال: إن التكامل والاندماج الاقتصادي، بين بلدان منظمتنا، لم يصل بعد إلى المستوى الذي نطمح إليه، رغم توفر كل مقومات النجاح لدى دولنا. وأكد الملك أن هذا الوضع ليس قدرا محتوما، وإنما يتطلب اعتماد رؤية واقعية، تؤمن بالبناء المشترك، وتستند إلى الالتزام بمبادئ حسن الجوار، واحترام السيادة الوطنية للدول ووحدتها الترابية، والامتناع عن التدخل في شؤونها وعن زرع نزوعات التفرقة والانفصال. وفي هذا السياق، عبر الملك عن أسفه، من جديد، على عدم قيام اتحاد المغرب العربي بدوره الطبيعي، في دعم تنمية مشتركة للدول المغاربية، سيما من خلال ضمان حرية تنقل الأشخاص ورؤوس الأموال والسلع والخدمات بين دوله الخمس. ومن جهة أخرى، دعا الملك محمد السادس إلى العناية بالثروة البشرية، وتمكين الشباب العربي من وسائل وآليات التعليم والتكوين الحديثة، وتوفير المزيد من فرص الشغل، وقال: إن مستقبل الأمة العربية يظل رهينا بإيجاد تصور استراتيجي مشترك، وتوفر إرادة سياسية صادقة، لتوطيد وحدتها ورص صفوفها، بما يخدم المصالح المشتركة لشعوبها، وتحقيق تطلعاتها إلى المزيد من التفاهم والتواصل والتكامل بين مكوناتها. ودعا الملك إلى إعطاء عناية خاصة للثروة البشرية، وفي مقدمتها الشباب العربي، وفتح آفاق التأهيل والارتقاء أمامه، سيما من خلال تمكينه من وسائل وآليات التعليم والتكوين الحديثة، وتوفير المزيد من فرص الشغل في مختلف المجالات، بما يؤهله للانخراط في الحياة السياسية والاندماج الاقتصادي والاجتماعي. وشدد الملك على أن إعداد وتأهيل شباب واع ومسؤول هو الثروة الحقيقية لدولنا، وهو السبيل الأمثل لتعزيز مكانتها، وجعلها قادرة على النهوض بقضاياها المصيرية، وأن تكون فاعلا وازنا في محيطها الإقليمي والدولي.