قررت الحكومة الجزائرية اقتطاع بعض المنح من أجور الموظفين العموميين تكريسا لإجراءات تقشف اتخذتها بسبب أزمة الموارد الناتجة عن انخفاض أسعار النفط، وهي إجراءات دخلت مرحلة تطبيق "حاسمة"، ويرجح أن تساهم بشكل كبير في تأجيج الأزمة وضرب الاستقرار الاجتماعي الهش.
وبدأ تنفيذ القرار رسميا بحرمان رؤساء البلديات ونوابهم وإطارات البلديات من منحة المسؤولية، فيما لم يتم صرف علاوة المردودية لبعض أعوان وزارة الصحة في عدة محافظات، بالموازاة مع اقتطاع المنحة نفسها من أجور عدد من عمال وزارة التربية التربية.
وراسلت مصالح وزارة الداخلية رؤساء المجالس الشعبية مؤخرا لتطلعهم على قرار جديد يخص اقتطاع منحة المسؤولية من رواتب رؤساء البلديات ونوابهم وكذا إطارات البلديات، في إطار ترشيد نفقات القطاع.
وقالت صحيفة "الخبر" الجزائرية إن القرار آثار حفيظة عدد من رؤساء البلديات انتقدوا هذا الإجراء، الذي يستثني المجالس الولائية وحتى البرلمان بغرفتيه، كون هذه الهيئات تتسبب لوحدها في نزيف كبير للخزينة العمومية.
وكشفت مصادر جزائرية مسؤولة عن تعليمات وجهت لجميع قطاعات الوظيفة العمومية تقضي بالشروع في تطبيق صارم لإجراءات التقشف، من خلال التخلي عن بعض المنح والتعويضات تدريجيا.
وتزامنت التعليمات مع قرارات رسمية تلقتها دوائر وزارية مؤخرا مثل وزارة التعليم العالي، تأمرها بتقليص ميزانية الجامعات ومختلف المراكز التابعة للقطاع إلى أقل من 25 في المئة، مع منع عمال الإدارة من الاستفادة من التربصات والتكوين بالخارج، إذ ستقتصر العملية مستقبلا على أصحاب الشهادات الجامعية فقط، على أن لا تتجاوز مدة التكوين عشرة أيام فقط، بدل 15 يوما التي كانت مطبقة.
ويقول محللون إن السلطات الجزائرية تغامر باستقرار الجبهة الاجتماعية، بالنظر إلى ما قد يتسبب فيه القرار من سخط وتذمر لدى عمال القطاع من غير الجامعيين، وما هذه الخطوة إلا تمهيدا لتجميد منح التربص بالخارج، موازاة مع قرار الاقتطاع من رواتب مختلف قطاعات الوظيفة العمومية بشكل غير مباشر ودون الإعلان عن ذلك رسميا.
في الأثناء، لايزال مستخدمو بعض قطاعات الصحة في عدة محافظات في انتظار صرف منحة المردودية، بعد أن تم اقتطاعها من أجورهم منذ شهرين.
وتراجعت رواتب موظفي قطاع الصحة الجزائري دون أن تقدم الإدارة أي تفسيرات أو حتى التزام بتسوية الوضعية، وهي المنحة نفسها التي حرم منها عمال التربية في عدد من الولايات مؤخرا، الذين صدموا بعد سحب رواتبهم بعدم صب هذا التعويض، بحجة خطأ إداري على مستوى المراقبين الماليين في الولايات المعنية.
وكانت الحكومة قد فتحت مؤخرا المجال للمؤسسات الاقتصادية التابعة للقطاع العام والإدارات، لاتخاذ القرارات الرامية لتخفيف نفقات كتلة الأجور، وتقليصها إلى نسب متباينة حسب القطاعات أو المؤسسات المعنية.