الأربعاء 14/02/2018
الدولية للإعلام عبدالرحيم بخاش
من سنة إلى أخرى، عهدة تلوى عهدة، يتأكد للعام والخاص عقم وشلل المجلس الشعبي الوطني، الذي حاد عن مهامه المنوطة به أو بالأحرى التي أُستحدث لتأديتها، حيث تحوّل في العقود الأخيرة من هيئة تشريعية ممثلة للشعب، وجدت لسن القوانين ومراقبة عمل الحكومة، إلى مؤسسة "إقتصادية" مفلسة، تستنزف أموال الدولة التي تضّخ الملايير سنويا في خزينتها لضمان استمرارها لا غير.
هيكل بلا روح، ميزتها العقم، ونواب تجردوا من صفة ممثلي الشعب، وسارعوا لـ "التبزنيز" باستغلال ورقة الحصانة البرلمانية، علامتان صارتا مسجلتان باسم البرلمان الجزائري في العقود الماضية، فلا المنضوين منهم تحت لواء المعارضة أدوا واجباتهم، ولا المتخندقين ضمن فيلق الموالاة فعلوا ذلك، بالمختصر المفيد كلهم خانوا الشعب الذي صوت عليهم ليكونوا صوته الذي ينادي به ضد الظلم و"الحقرة" من جهة، ويطالب من خلاله بحقوقه من جهة أخرى، وعينه التي يراقب بها عمل الحكومة وطرق استغلال خيرات البلاد، ويده التي يبطش بها في إطار ما يسمح به القانون إن سُلبت أو أنتهكت حرياته وحقوقه، ممثلو الشعب تجردوا من هذه الصفة فبات الشعب أخر همهم، عندما حادوا عن سكة المهام المنوطة بهم، وحولوا مبنى زيغود يوسف، إلى مؤسسة اقتصادية مفلسة بطبيعة الحال، يرافعون تحت قبته لرفع أجورهم، ويركزون في نقاشاتهم بين أسواره وفي تدخلاتهم أمام الوزراء على كل ما هو مادي اقتصادي يمكن أن يخدمهم أو يستفيدوا منه بشكل أو بآخر، مُتناسين أو متجاهلين بذلك المواطن، نواب عمروا طويلا في المجلس الشعبي الوطني، منهم من تمسك بمقعده 5 عهدات كاملة، مغتصبين بذلك الديموقراطية، ومبدأ التداول على السلطة، اللذين طالما تغنوا بهما في خطاباتهم وخرجاتهم الإعلامية التي هي مجرد ذر للرماد في العيون.
وعلى ضوء ما سبق ذكره يتكرس المثل الشعبي القائل "اللي يروح خير من اللّي يجي"، فشتان بين برلمان الجزائر إبان حقبة الحزب الواحد، وبرلمان اليوم، فرق شاسع، الأول تشكل من رجال سياسة ونضال، رفعوا باختلاف اديولجياتهم وتوجهاتهم راية خدمة البلاد والعباد، والثاني يضم راكضين وراء مصالح شخصية، همهم جني الأموال، بناء "الفيلات" والشقق الفاخرة، وتوسيع الاستثمارات، دون الحديث عن نواب اشتروا مقاعد هروبا من أحكام قضائية، حتى بات البرلمان اليوم ملاذا يحتمي فيه المجرمون إن صح القول.
وبحكم أن البرلمان في البلاد ما عاد ببرلمان، حتى رئيس الجمهورية، قاطعه أو نفر منه، لاطلاعه ودرايته بما يحدث تحت قبته، ويقينه بعقمه، حتى جاك شيراك، الرئيس الفرنسي، الأسبق نزل خلال زيارته التي قادته إلى الجزائر سنة 2003 إلى مبنى البرلمان وحده دون مرافقة الرئيس، حاله حال فرانسوا هولاند، الرئيس السابق لفرنسا، خلال زيارته الأخيرة إلى البلاد سنة 2012، حيث ألقى خطابا أمام نواب المجلس الشعبي الوطني وأعضاء مجلس الأمة المجتمعين في جلسة مشتركة دون حضرة الرئيس بوتفليقة.
وبناء على ما سبق ذكره يتبادر إلى الأذهان سؤال يطرح نفسه بإلحاح، ألا وهو "ما جدوى البرلمان إذا وما العيب في حلّه ؟ ..