أما اليوم فالصحافة مهنية إخبارية. ورواية الخبر بطرق متعددة بحيث يتغير معناه طبقاً لقصد المخبر. وهي صحافة الإعلانات أي صحافة تجارية بحجة إيجاد مصدر للتمويل. وصفحات الرأي فيها فهي أحياناً طائرة في الهواء. تحمل معلومات مستقلة من الإنترنت أو من عرض الكتب، وغالبها أجنبية. كلام أسود لملء الفراغ الأبيض. تعرض مشاكل العالم مثل العالم ذي القطب الواحد، صراع الحضارات أو حوارها، ثورة المعلومات، التكنولوجيا الجديدة. والحجة وضع المجتمع خارج محليته كي يصير عالمياً. وكأن الصحافة مهنة دون أن تكون لها رسالة. تخلق مدرسة وظيفية مهمتها وضع الكتاب في المناصب وارتقاؤهم شيئاً فشيئا حتى يصبحوا أيديولوجيي النظام السياسي. فهم مفكرو العصر والمطلعون على حوادثه باستثناء عصرهم وحوادثه. وتباع هذه الكتابات لأكثر من صحيفة محلية وإقليمية بل ودولية. ويسير الصحفي مرفوع الرأس باعتباره أحد قامات الإعلام وأعلام الصحافة. وبدلاً من أن تكون الصحافة مرآة للواقع تكشف عنه قد تصبح غطاء له تمنع من رؤيته. وتتبدل الأغطية والموضوعات كما هي لم تتغير، حتى أصبح المقال الصحفي في الأغلب نموذجاً للازدواجية. الغاية منه الشهرة والكسب والمنصب. هدفه تبرير النظام وليس نقده أو الدفاع عن المصلحة الخاصة لفئة معينة. يتغير إذا ما تغير النظام. واستقى المواطن أخبار وطنه من الصحافة الأجنبية. تحولت صحافة الرأي إلى صحافة الخبر، وصحافة الخبر إلى صحافة الرياضة، وصحافة الرياضة إلى صحافة الإعلانات!