هل يشكل تطبيق تيك-توك خطرًا على الأمن القومي للبلاد ؟

السبت 30-12-2023
الدولية للإعلام : مصطفى مايتي
اصبح خبر منع تطبيق تيك-توك في المغرب حديث الساعة ،للمكانة التي يحتلها وسط الشعب الالكتروني الذي يستفيد منه ماديًا ،و تدور مخاوف مختلف الدول من تطبيق تيك توك حول: استخدامه لأغراض التجسس، وانتهاك خصوصية المستخدمين، وجمع بيانات استخبارية عنهم لصالح الحزب الشيوعي الصيني، وتزايد إمكانية إتاحة بيانات هؤلاء المستخدمين للحكومة الصينية في ظل الترابط بين الشركة المالكة له والاستخبارات الصينية، بجانب تعدد المخاطر الأمنية للتطبيق الذي يهدد الأمن القومي لكثير من الدول بعد أن تحول إلى أداة في يد الصين، ناهيك بالقوانين الوطنية التي قضت بوجوب تسليم الشركات الصينية للبيانات التي تطلبها منها الحكومة الصينية والتي قد تستخدمها لنشر معلومات مضللة، وأيضًا إقرار شركة بايت دانس بأن بعض الموظفين في الصين يمكنهم الوصول إلى بيانات المستخدمين الأوروبيين. فلا شك أن البيانات أضحت هي “نفط القرن الحادي والعشرين، ولكونها السلعة الاقتصادية الأبرز، تُثار التساؤلات عن مصير البيانات الشخصية التي يَجمعها التطبيق (مثل: الموقع الجغرافي، ونشاط المستخدمين، وبريدهم الإلكتروني، ونوع أجهزتهم الإلكترونية المستخدمة، والتطبيقات الأخرى الموجودة على أجهزتهم، وغير ذلك). وهو ما تتزايد خطورته في ظل تعقب خوارزميته لما يشاهده المستخدمون ومقدار الوقت الذي يقضونه لمشاهدة كل مقطع فيديو، لتحديد المحتوى الأكثر تفضيلًا لهم من خلال الوقوف على أنماط سلوكهم. وهو ما دفع البعض للقول إن الهدف من جمع تلك البيانات يتمثل في الأغراض التسويقية، بينما دفع آخرون بإمكانية بيعها لحكومات أخرى. وهو ما قاد بدوره إلى مخاوف أمنية دفعت كثير من الدول للتحقيق في حجم البيانات التي تمكن التطبيق من جمعها للوقوف على مصيرها المحتمل. كما لا يمكن التقليل من شأن ما خلُصت إليه لجنة التجارة الفيدرالية ووزارة العدل الأمريكية من استنتاجات تؤكد فشل التطبيق في الالتزام بقوانين خصوصية الأطفال ما يستوجب حظره في الداخل الأمريكي. وقد سبق أن طالب “مركز الديمقراطية الرقمية، بجانب حملة من أجل طفولة خالية من التجارة” منذ سنوات عدة لجنة التجارة الفيدرالية بالنظر في فشل التطبيق في حذف مقاطع الفيديو ومعلومات المستخدمين الشخصية ممن يبلغون من العمر 13 عامًا أو أقل. فمع تنامي أعداد المستخدمين صغار السن، دفعت بعض الدول -لا سيما الهند والبرازيل وبعض الدول العربية- بتعرض المراهقين وصغار السن لبعض الفيديوهات الخارجة وغير اللائقة التي تتنافى مع القيم المجتمعية. كما يبرز -في هذا الإطار- خطورة بعض التحديات التي يروج لها التطبيق والتي نجم عن كثير منها إصابات بالغة؛ فقد تسبب تحدي كيكي في موت بعض المستخدمين على خلفية رقصهم خارج سياراتهم، كما تسبب تحدي (Oh Nanana) في كسر كاحل إحدى المستخدمات البريطانيات على خلفية أداها لبعض الحركات الراقصة على أنغام الأغنية نفسها ما استلزم إجراء جراحة لها. كما تسبب تحدي ((Skullbreaker في إصابات بالغة بلغت إلى حد ارتجاج المخ والشلل والوفاة على خلفية محاولة شخصين عرقلة الثالث أثناء قفزه، كما تسبب تحدي تناول قطعة من الحلوى بداخلها مادة حارة للغاية في تسمم ما لا يقل عن 57 طالبًا بإحدى المدارس الثانوية بالمكسيك. بيد أنه تجدر الإشارة إلى اختلاف مخاوف بعض دول الشرق الأوسط (مثل الأردن التي حظرت التطبيق بعد أن نشر فيديوهات تحرض على القتل والفوضى خلال الاحتجاجات التي شهدتها المملكة في ديسمبر 2022 على خلفية ارتفاع أسعار المحروقات) أو جنوب آسيا (مثل الهند التي حظرت التطبيق بسبب تصاعد التوتر مع الصين) من ناحية، ومخاوف بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة من ناحية ثانية. إذ تدور مخاوف الأخيرة بالأساس حول الاعتبارات الأمنية جراء تأثير الحكومة الصينية المحتمل في التطبيق، وبخاصة بعد أن ثبت قيامه بجمع معلومات عن بعض الصحفيين الغربيين كما أظهرت مراسلاته الرسمية؛ حيث تمكن التطبيق من رصد أماكن هؤلاء الصحفيين وتحديد طبيعة المعلومات التي يتلقونها، ما أكد أن كثيرًا من مخاوف الدول الغربية في محلها؛ ذلك أن استخدام التطبيق يمكنه من معرفة مكان المستخدمين وما يبحثون عنه وأهم تفضيلاتهم،وبسبب تعدد المبررات والمخاوف التي تتفاقم سوءًا في ظل افتقار عدد من الدول إلى قانون يكفل حماية خصوصية البيانات الوطنية وأنظمة المستخدمين، يتحتم على كثير من الدول وفي مقدمتها الولايات المتحدة الاختيار بين الاستجابة لمخاوفها الأمنية من ناحية، وتلبية متطلبات حرية الرأي والتعبير من ناحية ثانية، وكذا الاختيار بين استرضاء جيل الألفية من ناحية، والجيل زد من ناحية ثانية. فلا شك أن الأول (ممن تتراوح أعمارهم بين 27 إلى 42 سنة) أقل ارتباطًا بالتطبيق وأقل استخدامًا له بالمقارنة بالثاني (ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و26 سنة)؛ إذ يرى الأخير أن تطبيق تيك توك لا يعدو كونه مصدرًا للترفيه والعائد الاقتصادي ومنصة للتحديات المميزة، ووسيلة للشراكة التجارية بين المستخدمين والعلامات التجارية المرموقة. وقد خلص استطلاع الرأي الذي أجرته شركة (Social Sphere, Inc) في 22 مارس 2023 -على 1607 ناخبًا مسجلًا تراوحت أعمارهم بين 18 و42 عامًا- إلى أن جيل الألفية يفضل حظر التطبيق في الداخل الأمريكي بنسبة تتراوح بين 34-49% بالنظر إلى استخدامه في عملية جمع البيانات والترويج للدعاية الصينية ونشر معلومات مضللة، وإن عارض الجيل زد ذلك الحظر بنسبة تتراوح بين 34-53%. كما خلص إلى أن ناخبي الجيل زد وجيل الألفية ينظرون إلى التطبيق بصورة إيجابية (بنسبة بلغت 66% و46% على الترتيب). ويسلط ذلك الاستطلاع الضوء على التداعيات المحتملة لحظر التطبيق التي قد تشمل حدوث رد فعل عنيف في أوساط المستخدمين الشباب وجماعات الحقوق المدنية في الداخل الأمريكي، ناهيك بردود أفعال الصين المحتملة والحاسمة على الحظر الأمريكي بعد أن دفعت بعض التحليلات بأن الموقف الأمريكي من التطبيق لا يعدو كونه حلقة جديدة من حلقات الحرب البادرة التكنولوجية التي بات على إثرها التطبيق في قلب المواجهة السياسية بين الدولتين، وبخاصة وأن جهود الإدارة الأمريكية تأخذ شكل البيع الصيني القسري للتطبيق ما قد يقوض ثقة المستثمرين عالميًا مع تأثر المعلنين والأنشطة ومختلف الشركات التجارية التي قد تواجه خسائر ضخمة محتملة. وقد يدفع ذلك الصين إلى تبني سياسات مماثلة في حق مختلف الشركات التكنولوجية العاملة على أراضيها. وقد تطال التداعيات المحتملة الشركات التكنولوجية الأمريكية وفي مقدمتها شركة أوراكل التي تُعد شركة بايت دانس أحد أكبر عملائها، وشركة أبل عملاق التكنولوجيا الأمريكية التي تُصنع معظم هواتفها وأجهزتها في الصين (وإن نقلت بعض خطوط الإنتاج خارج البلاد في ظل تصاعد حدة التوتر بين واشنطن وبكين)، بجانب شركة بايت دانس نفسها (المملوكة لمؤسسيها بنسبة 20٪، ولموظفيها بنسبة 20٪، وللمستثمرين العالميين بنسبة 60٪). وقد تعرض تطبيق تيك توك لهجمة عالمية شرسة غير مسبوقة على الرغم من نهم غيره من التطبيقات ووسائل التواصل الاجتماعي لبيانات المستخدمين نفسها التي يجمعها، وهو ما يمكن معه القول إن الحظر التام له لن يقدم حلًا سحريًا لمخاوف الدول الأمنية منه بالضرورة، ولن يحول أيضًا دون إدمان المستخدمين -لا سيما الشباب- لوسائل التواصل الاجتماعي ممن يرجح اتجاههم لتطبيقات أخرى يأتي انستغرام في مقدمتها ( بعد أن أتاح خاصية الريلز التي تتشابه مع أسلوب تيك توك)، كما لن ينجو الحظر بالضرورة من بعض الدعوات القضائية التي قد تلاحقه لأنه يقوض حرية تدفق المعلومات، ليظل الحل الأمثل هو رفع الوعي بمخاطر وسائل التواصل الاجتماعي وأهداف الشركات المالكة لها من ناحية، وتعزيز خصوصية المستخدمين بقوانين فاعلة تكفل حماية بياناتهم وتحول دون وصول الشركات المحلية والأجنبية إليها من ناحية ثانية،فماذا ستقرر الحكومة المغربية ؟
القارة العجوزة تستهدف اليد العاملة المغربية
القارة العجوزة تستهدف اليد العاملة المغربية ...
جديد برنامج واتس آب يهم القاصرين
جديد برنامج واتس آب يهم القاصرين ...
الهواتف النقالة ممنوعة في المدارس الاسبانية
الهواتف النقالة ممنوعة في المدارس الاسبانية ...
الذكاء الاصطناعي :الحكومة تطلق بوابة إلكترونية
الذكاء الاصطناعي :الحكومة تطلق بوابة إلكترونية ...
الهدروجين الاخضر : مشروع أوروبي كبير للانتقال نحو الطاقة النظيفة
الهدروجين الاخضر : مشروع أوروبي كبير للانتقال نحو الطاقة النظيفة...
العرايشي:قنوات جديدة استعدادا للإستحقاقات القادمة
العرايشي:قنوات جديدة استعدادا للإستحقاقات القادمة...
خطر التحكم في الانترنيت وقطعه عن العالم لتنفيذ خططهم !
خطر التحكم في الانترنيت وقطعه عن العالم لتنفيذ خططهم !...
النقل عبر التطبيقات الذكية يدخل حيز التنفيذ بدون موافقة ولاية الدار البيضاء
النقل عبر التطبيقات الذكية يدخل حيز التنفيذ بدون موافقة ولاية الدار البيضاء ...
من نحن الدولية للاعلام
من نحن الدولية للاعلام
ديكتاتورية وقمع نظام الجنرالات للشعب الجزائري
ديكتاتورية وقمع نظام الجنرالات للشعب الجزائري
كلام في الصميم من جزائري حول الصحراء
كلام في الصميم من جزائري حول الصحراء
اتفاق شراكة الجزائر مع الاتحاد الأوروبي يكلفها خسارة 4.5 مليار
اتفاق شراكة الجزائر مع الاتحاد الأوروبي يكلفها خسارة 4.5 مليار
نسأل أم نصمت؟
نسأل أم نصمت؟
تحقيق أممي في الاختفاءات القسرية بالجزائر
تحقيق أممي في الاختفاءات القسرية بالجزائر
أين يكمن الفشل والنجاح في حُكومة جراد
أين يكمن الفشل والنجاح في حُكومة جراد
الجزائر قادرة على تدمير المغرب خلال عشر ساعات فقط
الجزائر قادرة على تدمير المغرب خلال عشر ساعات فقط
حالة من القلق تسود اوساط الحكم في الجزائر
حالة من القلق تسود اوساط الحكم في الجزائر
اذاعة الدولية
اذاعة الدولية
ام لينة
ام لينة
خارج على القانون
خارج على القانون
شعب الجزائر في جهنم حمراء
شعب الجزائر في جهنم حمراء
الدولية للاعلام
الدولية للاعلام
ممثل الماسونية بالجزائر
ممثل الماسونية بالجزائر